مدونة أخبار وتعليقات، http://www.allannairn.com/
الأربعاء، 8 تموز/يوليو 2009
الساعة 1:26 بعد الظهر (بتوقيت الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة)
انتخابات طبيعية، ولكن بالحد الأدنى من الخيارات
بقلم: ألان نيرن
في تغطيتها للانتخابات في أندونيسيا، عنونت صحيفة "إنترناشنال هيرالد تريبيون" مقالها حول هذا الموضوع بعبارة "انتخابات طبيعية جديرة بالفخر". لكن هذه الانتخابات تضمنت حداً أدنى من الخيارات، كما يحدث عادة في معظم البلدان (الصحفي جاكوب رامزي، "انتخابات طبيعية جديرة بالفخر"، صحيفة إنترناشنال هيرالد تيبيون"، 8 تموز/يوليو 2009).
كانت هذه الانتخابات في واقع الأمر خيارا بين ثلاثة جنرالات من عهد سوهارتوا كل منهم مسؤولا عن أعمال قتل جماعية هائلة (وجميعهم رعتهم أمريكا)، حتى أن أحدهم يجسد ما يقارب الدكتاتورية الفاشية. وقد صوت الناس للجنرال الذي على رأس السلطة حاليا، الجنرال سوسيلو، كونه ألطف الثلاثة وأقل إثارة للرعب من الآخرين.
ولكن كان من المستحيل التصويت من خلال ورقة الاقتراع للفقراء أو التصويت ضد قتل المدنيين، لأن أي من المرشحين لم يتخذ أي موقف من هذا القضايا، لا سيما وأن المؤسسة الحاكمة قامت بالتحقق سلفا من ولاء من سمحت لهم بترشيح أنفسهم. ولذلك فقد كان جميع المرشحين يمثلون الأغنياء والقتلة.
لقد حاز الجنرال سوسيلو على تأييد معظم الجيش والأغنياء، ولذلك فقد توفر له القدر الأكبر من الدعاية الإعلامية وأكثر الأموال للحملة الانتخابية.
في أندونيسيا، ثمة الكثير من الفقراء يحبون الموسم الانتخابي لإنهم يحصلون خلاله على رشاوى نقدية. فرسل الأحزاب يأتون إلى بيوتهم ويوزعون على كل أسرة عدة دولارات. وفي هذه الدورة الانتخابية، قال كل من قابلتهم إن أعوان الجنرال سوسيلو وزعوا القدر الأكبر من المال.
إلى جانب ذلك، كان منافساه الأثنان مكروهين من قبل العديد من الناس. كما أنهما اختارا أن يرشحا لمنصب نائب الرئيس جنرالين مكروهين بشدة في البلاد. ويتميز أحدهما، الجنرال برابوا، بأسلوب فاشي جديد، وبنى لنفسه سمعة كمشارك مباشر في أعمال التعذيب وكصهر لسوهارتو. أما الجنرال الثاني، ويرانتو، فقد أنقذ الجيش في عام 1998 عندما هدد بارتكاب مذبحة على شاكلة ما جرى في ميدان تينامين في الصين ضد المتظاهرين إذا تحدوا الجيش في أعقاب الإطاحة بسوهارتو.
ولذلك، فمقارنة مع هذين الجنرالين، كان الجنرال سوسيلو يبدو أقل تعطشا للدماء، على الرغم من أنه كان ضمن القيادات العليا عندما حدثت اشنع المذابح في أندونيسيا، بما في ذلك المذبحة التي جرت في جاكارتا في عام 1996، وفي تيمور الشرقية المحتلة في عام 1999، وفي آتشيه في بدايات العقد الحالي. كما أنه دعم أثناء تقلده لمنصب الرئيس جميع أعمال التعذيب التي ارتكبتها قوات الشرطة والجيش في منطقة بابوا المحاصرة، كما اعتاد على اعتقال الناس الذي يوجهون له انتقادات أو إهانة أو الذين يرفعون أعلاما محلية ترمز للاستقلال. ومن الناحية الاقتصادية، فقد انتهك الجنرال سوسيلو القانون عندما ألغى الدفعات المالية المستحقة للعمال عند نهاية عملهم. إضافة إلى ذلك، ازدادات أمراض الجوع والإسهال على مستوى البلاد، وخصوصا في نوساتيجارا في الشرق من إندونيسيا.
ولكنه فعل كل ذلك بنعومة. وينظر إليه كسياسي ذكي، وهو يحصل على الكثير من الأموال الأجنبية. الولايات المتحدة والجهات المانحة تكن له المحبة لأنه يقوم بعمليات القتل الضرورية ويبقي على أجور العمال منخفضة (دون أن يتبجح بذلك)، كما أنه يتيح للمستثمرين أن يحصلوا على المواد الخام وأخشاب الغابات والأيدي العاملة ولا يطلب سوى رشاوى أقل مما كان يحصل عليه سوهارتو.
وفي الوقت نفسه، فقد جعل الحياة أفضل لطبقة النخبة في المدن، فقد تم تشييد الكثير من الشقق الفاخرة والأسواق التجارية الفخمة. فإذا كنت تملك مالاً، فيمكن أن تعيش حياة مترفة في جاكارتا. وهذا يعود بالنفع على الجنرال من ناحية التغطية الصحفية.
ولكنك إذا كنت فقيرا، فإن سفاكي الشرطة سيأتون ويهدمون بيتك من أجل إتاحة المجال لبناء تلك الشقق الفاخرة، كما أن فرصك في الحصول على عمل أو طعام، أو إلحاق أطفالك في التعليم الأبتدائي، هي كما كانت عليه قبل اعتلاء الجنرال سوسيلو السلطة أو حتى أسوأ.
ولذلك فإن صحيفة هيرالد تريبيون محقة فيما ذهبت إليه، فتلك كانت انتخابات عادية. كان هناك تصويت، ولكن لم يكن هناك خيار.
ملاحظة للقراء: مدونة أخبار وتعليقات تسعى للحصول على مساعدة في ترجمة مواد المدونة إلى لغات أخرى، وكذلك في الحصول على تبرعات ونشر محتويات المدونة على نطاق أوسع. يرجى من المهتمين الاتصال من خلال وصلة الإيميل أدناه.
ملاحظة للقراء بخصوص الترجمة: تتوفر حاليا أجزاء من مدونة أخبار وتعليقات باللغات العربية، والبرتغالية البرازيلية، والدنماركية، والفرنسية، والألمانية، والروسية، والإسبانية (انقر الروابط السابقة أو رابط المعلومات الأساسية أعلاه)، ولكن ما تزال هناك حاجة إلى مساعدة في الترجمة – وخصوصا ما يتعلق بالمواد القديمة، وذلك باللغات المذكورة وفي جميع اللغات الأخرى.
ملاحظة للقراء بخصوص الأدلة المحتملة: مدونة أخبار وتعليقات تسعى للحصول على وثائق عامة وخاصة ومعلومات من شهود عيان يمكن أن تتطور إلى أدلة بخصوص جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتكبها مسؤولون رسميون. يرجى إرسال المواد عبر الإيمل المذكور أدناه.
لإرسال إيميل
تم النشر من قبل allan.nairn@yahoo.com (ألان نيرن) في الساعة 1:26 بعد الظهر (بتوقيت الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة).
Email Me
الأربعاء، 8 تموز/يوليو 2009
الساعة 1:26 بعد الظهر (بتوقيت الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة)
انتخابات طبيعية، ولكن بالحد الأدنى من الخيارات
بقلم: ألان نيرن
في تغطيتها للانتخابات في أندونيسيا، عنونت صحيفة "إنترناشنال هيرالد تريبيون" مقالها حول هذا الموضوع بعبارة "انتخابات طبيعية جديرة بالفخر". لكن هذه الانتخابات تضمنت حداً أدنى من الخيارات، كما يحدث عادة في معظم البلدان (الصحفي جاكوب رامزي، "انتخابات طبيعية جديرة بالفخر"، صحيفة إنترناشنال هيرالد تيبيون"، 8 تموز/يوليو 2009).
كانت هذه الانتخابات في واقع الأمر خيارا بين ثلاثة جنرالات من عهد سوهارتوا كل منهم مسؤولا عن أعمال قتل جماعية هائلة (وجميعهم رعتهم أمريكا)، حتى أن أحدهم يجسد ما يقارب الدكتاتورية الفاشية. وقد صوت الناس للجنرال الذي على رأس السلطة حاليا، الجنرال سوسيلو، كونه ألطف الثلاثة وأقل إثارة للرعب من الآخرين.
ولكن كان من المستحيل التصويت من خلال ورقة الاقتراع للفقراء أو التصويت ضد قتل المدنيين، لأن أي من المرشحين لم يتخذ أي موقف من هذا القضايا، لا سيما وأن المؤسسة الحاكمة قامت بالتحقق سلفا من ولاء من سمحت لهم بترشيح أنفسهم. ولذلك فقد كان جميع المرشحين يمثلون الأغنياء والقتلة.
لقد حاز الجنرال سوسيلو على تأييد معظم الجيش والأغنياء، ولذلك فقد توفر له القدر الأكبر من الدعاية الإعلامية وأكثر الأموال للحملة الانتخابية.
في أندونيسيا، ثمة الكثير من الفقراء يحبون الموسم الانتخابي لإنهم يحصلون خلاله على رشاوى نقدية. فرسل الأحزاب يأتون إلى بيوتهم ويوزعون على كل أسرة عدة دولارات. وفي هذه الدورة الانتخابية، قال كل من قابلتهم إن أعوان الجنرال سوسيلو وزعوا القدر الأكبر من المال.
إلى جانب ذلك، كان منافساه الأثنان مكروهين من قبل العديد من الناس. كما أنهما اختارا أن يرشحا لمنصب نائب الرئيس جنرالين مكروهين بشدة في البلاد. ويتميز أحدهما، الجنرال برابوا، بأسلوب فاشي جديد، وبنى لنفسه سمعة كمشارك مباشر في أعمال التعذيب وكصهر لسوهارتو. أما الجنرال الثاني، ويرانتو، فقد أنقذ الجيش في عام 1998 عندما هدد بارتكاب مذبحة على شاكلة ما جرى في ميدان تينامين في الصين ضد المتظاهرين إذا تحدوا الجيش في أعقاب الإطاحة بسوهارتو.
ولذلك، فمقارنة مع هذين الجنرالين، كان الجنرال سوسيلو يبدو أقل تعطشا للدماء، على الرغم من أنه كان ضمن القيادات العليا عندما حدثت اشنع المذابح في أندونيسيا، بما في ذلك المذبحة التي جرت في جاكارتا في عام 1996، وفي تيمور الشرقية المحتلة في عام 1999، وفي آتشيه في بدايات العقد الحالي. كما أنه دعم أثناء تقلده لمنصب الرئيس جميع أعمال التعذيب التي ارتكبتها قوات الشرطة والجيش في منطقة بابوا المحاصرة، كما اعتاد على اعتقال الناس الذي يوجهون له انتقادات أو إهانة أو الذين يرفعون أعلاما محلية ترمز للاستقلال. ومن الناحية الاقتصادية، فقد انتهك الجنرال سوسيلو القانون عندما ألغى الدفعات المالية المستحقة للعمال عند نهاية عملهم. إضافة إلى ذلك، ازدادات أمراض الجوع والإسهال على مستوى البلاد، وخصوصا في نوساتيجارا في الشرق من إندونيسيا.
ولكنه فعل كل ذلك بنعومة. وينظر إليه كسياسي ذكي، وهو يحصل على الكثير من الأموال الأجنبية. الولايات المتحدة والجهات المانحة تكن له المحبة لأنه يقوم بعمليات القتل الضرورية ويبقي على أجور العمال منخفضة (دون أن يتبجح بذلك)، كما أنه يتيح للمستثمرين أن يحصلوا على المواد الخام وأخشاب الغابات والأيدي العاملة ولا يطلب سوى رشاوى أقل مما كان يحصل عليه سوهارتو.
وفي الوقت نفسه، فقد جعل الحياة أفضل لطبقة النخبة في المدن، فقد تم تشييد الكثير من الشقق الفاخرة والأسواق التجارية الفخمة. فإذا كنت تملك مالاً، فيمكن أن تعيش حياة مترفة في جاكارتا. وهذا يعود بالنفع على الجنرال من ناحية التغطية الصحفية.
ولكنك إذا كنت فقيرا، فإن سفاكي الشرطة سيأتون ويهدمون بيتك من أجل إتاحة المجال لبناء تلك الشقق الفاخرة، كما أن فرصك في الحصول على عمل أو طعام، أو إلحاق أطفالك في التعليم الأبتدائي، هي كما كانت عليه قبل اعتلاء الجنرال سوسيلو السلطة أو حتى أسوأ.
ولذلك فإن صحيفة هيرالد تريبيون محقة فيما ذهبت إليه، فتلك كانت انتخابات عادية. كان هناك تصويت، ولكن لم يكن هناك خيار.
ملاحظة للقراء: مدونة أخبار وتعليقات تسعى للحصول على مساعدة في ترجمة مواد المدونة إلى لغات أخرى، وكذلك في الحصول على تبرعات ونشر محتويات المدونة على نطاق أوسع. يرجى من المهتمين الاتصال من خلال وصلة الإيميل أدناه.
ملاحظة للقراء بخصوص الترجمة: تتوفر حاليا أجزاء من مدونة أخبار وتعليقات باللغات العربية، والبرتغالية البرازيلية، والدنماركية، والفرنسية، والألمانية، والروسية، والإسبانية (انقر الروابط السابقة أو رابط المعلومات الأساسية أعلاه)، ولكن ما تزال هناك حاجة إلى مساعدة في الترجمة – وخصوصا ما يتعلق بالمواد القديمة، وذلك باللغات المذكورة وفي جميع اللغات الأخرى.
ملاحظة للقراء بخصوص الأدلة المحتملة: مدونة أخبار وتعليقات تسعى للحصول على وثائق عامة وخاصة ومعلومات من شهود عيان يمكن أن تتطور إلى أدلة بخصوص جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتكبها مسؤولون رسميون. يرجى إرسال المواد عبر الإيمل المذكور أدناه.
لإرسال إيميل
تم النشر من قبل allan.nairn@yahoo.com (ألان نيرن) في الساعة 1:26 بعد الظهر (بتوقيت الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة).
Email Me