الثلاثاء، 5 فبراير 2008

بينما يجري التصويت في الولايات المتحدة حول من سيتحكم بآلة القتل، شعب المايان ينشر الحضارة.


مدونة أخبار وتعليقات، http://newsandcommentarabic.blogspot.com/
الثلاثاء، 5 شباط/فبراير 2008 (بتوقيت الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة)
نشر ألان نيرن في الساعة 2:34 صباحا (بتوقيت الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة)

بينما يجري التصويت في الولايات المتحدة حول من سيتحكم بآلة القتل، شعب المايان ينشر الحضارة.

بقلم: ألان نيرن

اليوم، بينما يذهب الأمريكيون ليقرروا من سيتسلم مقاليد السلطة ليتحكم بقتل الملايين أو تركهم، توجهت مجموعة من شعب المايان من سكان غواتيمالا إلى مدريد في مهمة تمدينية.

لقد حضروا إلى مدريد كي يدلوا بشهادة حول الكيفية التي قام بها ضباط الجيش الغواتيمالي الذي كان تحت رعاية أمريكية، بقتل عائلاتهم في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وخرج هؤلاء الضباط من هذه المذابح وقد أصبحوا رجالا أثرياء، ومهربي مخدرات، ومستشارين للسفارة الأمريكية، وزملاء في جامعة هارفرد.

ليس الأمر أنه من الممكن أن تعيد إلى الحياة الزوجات القتيلات، وأن تعيد الأبناء المفقودين، أو الأزواج الذين تلقوا الرصاص في مؤخرة الرأس، أو حتى معاقبة الجناة العقاب الذي يستحقونه، والذين يوزعون الابتسامات الآن في أفياء الأحياء الراقية في ضواحي العاصمة الأمريكية. فلا زالوا يتداولون السلطة ويحومون، دون قيود في معاصمهم، في المجتمعات الراقية.

ولكن بالإمكان، كما قال أحد مزارعي الذرة في الجبال يوم أمس، "القبض عليهم وسجنهم. وذلك يكفي"، وهذا يدل على كرم أخلاق هذا المزارع، إذ أنهم ذبحوا أحبائه وأصدقائه وحيواناته، وحرقوا أمعائه حتى خرجت من فمه—ولا شك أن القضاء الإسباني يستحق المديح لإتاحة المجال أمامه حتى يقاضي المجرمين.

هذه الحالة هي حالة تعذيب وإرهاب دولة وتطهير عرقي—وقد صدرت أوامر الاعتقال الدولية—ولكن الجنرالات الكبار والقساة الذين كان بإمكانهم الإجابة عن الأسئلة (الأسئلة التي طرحتها الصحيفة اليومية الغواتيمالية المحافطة، إلغرافيسو، [17 أيار/مايو 1982]) "كيف من الممكن أن يقوم امرء بقطع رأس صبي يبلغ الثامنة أو التاسعة من العمر؟ كيف يمكن لإنسان بالغ أن يقتل بدم بارد طفلا يقل عمره عن سنة ونصف السنة؟" هؤلاء الجنرالات خائفون اليوم من السفر إلى إسبانيا لمواجهة أهالي الأطفال الذين أبادوهم بينما كانوا يكومون المال في جيوبهم من مقر وكالة الاستخبارات الأمريكية في ضاحية لانغلي بالقرب من العاصمة الأمريكية. (كانت صحيفة إلغرافيسو تشير إلى مذبحة سيميا الثانية في منطقة تشيكيكاستينانغو، ولكن وفقا لسجلات الجيش، تم تدمير 662 قرية، وربما وصل عدد القتلى إلى 120000 مدني).

إنهم خائفون لأنه حدث تمزق صغير في نسيج العالم السياسي، في مكان ما، كما يحدث في شذوذيات فيزياء الكم، فقد بزغ (في هذا العالم) ذرة من ا لمدنية: منبر قضائي ربما يكون مستعدا لفرض قوانين القتل، حتى ضد كبار المسؤولين.

ولكن ليس بعد! فلا يوجد حتى الآن اسماء أمريكية ضمن قائمة المتهمين. ولكن كما يقول عشاق الرياضة الأمريكيون، لا نهاية إلا عندما تنتهي اللعبة.

القضية حاليا بين يدي المحكمة الوطنية الإسبانية، والتي تعمل تحت مبدأ "نحن جميعا بشر هنا"، وهي تمارس حقها بموجب القانون الدولي لمقاضاة قضايا الفظائع التي تتضمن أناسا من غير الإسبانيين.

(أفراد شعب المايا الذين نجو من شنق على صليب –من على خشبة كبيرة في ريو نيغرو—سوف يدلون بشهاداتهم. أنا سوف أدلي بشهادة أيضا، حول الجيش، وسياسة المذابح، ودور الولايات المتحدة. المحامون والمهنيون الذين يعملون في هذه القضية أتوا من عدة منظمات عبر العالم)

تخيلوا لو أن هذه السابقة القضائية نجحت. فستكون الانتخابات التمهيدية التي تحدث اليوم في أمريكا حدثا غريبا، إذ سيعمد المرشحون والمستشارون على التملص من الشرطة، حيث سيلاحقون بطلبات للتوقيع على تعهدات بإيقاف القتل، وستسألهم الصحف أن يوضحوا ماضيهم (فيما يتعلق بقتل المدنيين، وليس حول سخائف الأمور)، وليوضحوا ليونة الحزبين العقائدية فيما يتعلق بالجرائم الرسمية.

وفي هذه المسألة تحديدا التي تتعلق بعمليات قتل مرتبطة بالأمريكيين، وهي من عشرات مسائل القتل عبر العالم، كان القديس الراعي لهذه المذبحة هو الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، المحبوب من القادة الغواتماليين الذين ذبحوا شعب المايا (وآخرين)، والذين علقوا صورا هائلة له في بيوتهم عندما كان يرسل لهم عملاء وكالة الاستخبارات المركزية، ومعدات التجسس، والأموال السرية، والأهم من كل ذلك، المباركة السياسية الصريحة. أما حمامة الحزب الديمقراطي، باراك أوباما، فقد عين زبيغينوا بريجينسكي مستشارا لشؤون العلاقات الخارجية، وكان قد أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل كي تسلم بنادق فتاكة (من نوع غاليلي [الجليل]) إلى غواتيمالا، إذ كان رئيسه آنذاك—جيمي كارتر—محرجا قليلا من عمل ذلك بنفسه.

هل هذا هو الفرق بين الحزبين الأمريكيين الكبيرين بخصوص القتل الجماعي—الشعور بالإحراج مقابل الشعور بالفخر؟ ربما كان الأمر كذلك.

علينا ألا نتجشم عناء التأمل في هذه الفروق الدقيقة—على الرغم من أنها قد تكون حاسمة في أهميتها أحيانا.

يجب إن يكون بإمكاننا إدلاء أصواتنا بفاعلية ضد جرائم القتل وأن نطالب بملاحقة منفذيها.

ربما كانت السياسات الأمريكية بحاجة لاجتياح تمديني من المايان.

ملاحظة للقراء: مدونة أخبار وتعليقات تسعى للحصول على مساعدة في ترجمة مواد المدونة إلى لغات أخرى، وكذلك في نشر محتويات المدونة على نطاق أوسع، والحصول على تبرعات. يرجى من المهتمين الاتصال من خلال وصلة الإيميل أدناه.

ملاحظة للقراء بخصوص الترجمة: تتوفر حاليا أجزاء من مدونة "أخبار وتعليقات" مترجمة باللغات العربية، والبرتغالية البرازيلية، والدنماركية، والفرنسية، والألمانية. (انقر وصلة profile أعلاه")، ولكن ما يزال هناك حاجة للمساعدة في الترجمة—وخصوصا فيما يتعلق بالمواد المنشورة في تواريخ سابقة، وذلك باللغات المذكورة أعلاه وبلغات أخرى.
نشر ألان نيرن، http://www.newsc.blogspot.com/ في الساعة 2:34 صباحا (بتوقيت الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة)

Email Me